تاريخ الوفاة: 1933
نشأته وحياته
ولد متري بن إبراهيم قندلفت في دمشق سنة 1859م. وكان أبوه صاحب معمل لصناعة الحرير، ويرغب في أن يرى ابنه إلى جانبه في المصنع، ولكن الولد لم يكد ينهي تحصيله الأولي حتى بدا متعطشًا للعلم والمعرفة، يصادق الكتب ليل نهار مفتشًا عن مصادر يتلقى العلم منها، فاستسلم أبوه لرغباته وساعده على الالتحاق ببعض المدارس الأهلية، وسمح له بحضور مجالس بعض شيوخ عصره من العلماء، فشبَّ الولد وهو يتقن العربية والتركية.
وفي سنة 1881م ترجم كتاب (طرق الأمان لـمُـحْدث الإيمان) للدكتور بويد أحد كبار الوعاظ الإنجيليين، وطَبَعَت الترجمةَ (مطبعةُ الأميركان) في بيروت، ووزَّعته على مختلف البعثات التبشيرية في أرجاء البلاد العربية، فلَمَعَ اسم قندلفت وأخذت المدارس الخاصة تكلّفه تدريسَ طلابها اللغة الإنكليزية والعلوم الاجتماعية، وكان يَقبل التكليف عاكفًا في أوقات فراغه على ترجمة الكتب.
وفي سنة 1914م كان متري قندلفت في جملة المفكرين العرب الذين أمر قائد الجيش العثماني في سورية بنفيهم مع أُسَرهم إلى بلاد الأناضول بحجة الحفاظ على أمن الجيش، ونجم عن هذا النفي المفاجئ ضياع المكتبة التي كان متري قندلفت اقتناها، وفقدان جميع أوراقه الخاصة والكتب التي أفنى زهرة شبابه في نقلها إلى العربية.
أقام قندلفت في مدينة طوقان في تركيا منفيًّا، فلما خمدت نيران الحرب العالمية الأولى عاد إلى دمشق، فعيَّنته الحكومة العربية أستاذًا في مدرسة التجهيز وفي دار المعلمين، يدرّس علم النفس والتربية والإنكليزية.
وفي سنة 1921م عُين مميِّزًا في معهد الحقوق العربي بدمشق، وبقي فيه سنوات قليلة أُحيل بعدها على التقاعد، فغادر دمشق إلى بيروت وأقام فيها عاكفًا على الترجمة والتأليف وتدوين مذكراته، متنقلًا بين لبنان ومصر، حتى وافته المنية في بيروت سنة 1933م وفيها دفن.
الأستاذ متري قندلفت المجمعي
عندما قررت الحكومة العربية إنشاء (ديوان المعارف) كان قندلفت في عداد أعضائه، لما عُرف عنه من تضلُّع من العربية وإتقان للترجمة إليها عن الإنكليزية، ثم كان عضوًا متفرغًا في المجمع العلمي العربي، وكان واحدًا من أعضاء المجمع العلمي العربي الأوائل الذين حضروا جلسته الأولى التي عقدت في المدرسة العادلية بتاريخ 30 تموز 1919م، واختير قندلفت في هذه الجلسة عضوًا في القسم اللغوي الأدبي للمجمع.
وفي سنة 1920م كُلّف الإشراف على طبع مجلة المجمع والتحرير فيها، وقد تقرر إصدارها بدءًا من عام 1921م، فقام بهذه المهمة وصدرت الأعداد الأولى من المجلة، وحرَّر فيها باب (آثار وأخبار) واصفًا فيه بعض العادِيات التي أدخلها المجمع في (دار الآثار العربية)، وكانت إدارتها جزءًا من عمله، مسجّلًا بعض الأخبار الهامة مثل الاحتفال بذكرى فقيد العربية الشيخ طاهر الجزائري. وكذلك عرَّف الأستاذ متري قندلفت بكتابين أُهديا إلى مكتبة المجمع: (الأخلاق والواجبات-1921م) و(العلم والعقل-1921م).
ألقى في ردهة المجمع محاضرة بعنوان (إحياء اللغة العربية) سنة 1921م.
وفي سنة 1921م عُين الأستاذ متري قندلفت بوظيفة مميِّز في معهد الحقوق العربي، وصار من هذا التاريخ من أعضاء المجمع العلمي العربي المراسلين حتى وافاه الأجل سنة 1933م.
آثار متري قندلفت
نُكبت آثار متري قندلفت مرتين؛ أما أولاهما فكانت من جنايات الحرب العالمية الأولى عندما نفي إلى الأناضول، وأما الثانية فكانت عند وفاته وحيدًا في بيروت حيث كانت ابنته الوحيدة في الولايات المتحدة تتابع دراستها في جامعة كولومبيا.
على أن من آثاره التي نجت من الفقدان كتابًا مطبوعًا ومخطوطتين؛ أما الكتاب فهو ترجمة لكتاب (المدرسة والاجتماع) للفيلسوف الأمريكي جون ديوي، طبع في دار المعارف في مصر سنة 1928م، وقرَّظه الأستاذ أمير بقطر أمين الجامعة الأمريكية في القاهرة في (المقتطف) سنة 1927م. وأما المخطوطتان؛ فأولاهما ترجمة لكتاب (مدرسة الغد) لجون ديوي، والأخرى ترجمة لكتاب (تربية الأطفال ومدارسهم) للمربية الإيطالية الشهيرة منتسوري.
نشر الأستاذ قندلفت 17 مقالًا في (مجلة المقتطف) في المدة (1900 - 1928م).
مصادر ترجمته
الأستاذ متري قندلفت، أيهم بطحوش، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2016م.
إضبارة الأستاذ متري قندلفت المحفوظة في مجمع اللغة العربية بدمشق.
الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 2002م.
متري قندلفت، موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية.
المجمع العلمي العربي- مجمع اللغة العربية بدمشق في خمسين عامًا، عدنان الخطيب، مطبعة الترقي، 1969م.
المجمعيون الأوائل في المجمع العلمي العربي بدمشق، مازن المبارك، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 2015م.
معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م، كامل سلمان جاسم الجبوري، دار الكتب العلمية، 2002م.
موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (ج4)، سليمان سليم البواب، مؤسسة المنارة، دمشق، ط1، 2000م.