أقام المجمع العلمي العربي بدمشق حفلة تكريمية للعلَّامة الأثري الأستاذ رينيه دوسو بتاريخ 11/3/1925م، حضرها جمهور من العلماء والأدباء والشخصيات الرفيعة.
وقائع الحفلة
|
مقتطفات من خطاب الأستاذ محمد كرد علي
"إذا رحَّب المجمع العلمي العربي بالأستاذ دوسو، فإنما يرحب بصديق عظيم تربطه به عدة اعتبارات وصلات مهمة، وبعالم له على الديار الشامية أيادٍ بيضاء مذ وطئ أرضها أول مرة قبل ست وعشرين سنة...
أيها الأستاذ: وجَّهت وجهك إلى كلِّ ما له علاقة بآثار بلادنا وتاريخها؛ فبينا نراك تكشف آثار الصفا واللجاة إذا أنت تكتب في آثار جبل الدروز وحوران. وإذا نشرت اليوم مصنفًا في آثار الروم ومَن قبل الروم ومَن بعدهم، تؤازر غدًا بمقالاتك الممتعة في المعْلمات والمجلات. وكلُّ ما كتبته لم يصبح مرجعًا للعلماء في فرنسا فقط، بل هو معتبر عند علماء الشرق والغرب يستقون من معينه العذب ويعجبون بتحقيق واضعه ومصنِّفه.
هذا سطر من حياتك العلمية أيها الرصيف، ومعظم أعمالك تدور على البحث في المدنيات الجميلة التي تعاقبت على بلادنا والتذكير بأصحابها والدعوة إلى الاحتفاظ بها والاستفادة منها والتفاخر بإحرازها.
بقيت كلمة لا بد لي أن أقولها، وفيها تتجلى غيرة عزيزنا على هذه الديار، وهي أني تشرفت بمعرفته لأول نزوله بلادنا ورأيته مع صديقه وصديقي الأمير جعفر الحسني يطوفان الأصقاع العامرة والغامرة من هذا القطر للبحث عن عادياته وآثاره ويجوبان أرضًا لم تدسها قدم غربي، تمثلت بل تجسمت لي محبته لبلادنا ولأهلها؛ فقد كان يحثني على التذرع بتأسيس متحف تُجعل فيه آثار الشام ويكون مرجعًا للعلماء، ومدار افتخار للأحفاد والأجداد، ومورد ثروة للسوريين يجلبون به الغريب ويحبِّبون إليه إطالة المقام في بلادهم...
ولما كُتب لي التوفيق بتحقيق أمنية صديقي دوسو عام 1919م وأحرزت الشرف بتأسيس دار الآثار عملًا بإشارته، اغتبطت بأن كلماته أثمرت الثمرة التي يشتاق هو وعشاق العلم إليها. وهذا المتحف الذي أُسِّس في ظلِّ المجمع العلمي هو - ولا نكران للجميل - من بنات أفكار الأستاذ دوسو، فهو الموحي به، والملقن لفكرته، والحريص على بقائه وإنمائه لخدمة العلم وبلاد الشام...
وكيف لا يغتبط مجمعنا العلمي إذا رأى صاحب فكرة المتحف الأول بين أظهرنا اليوم، وألَا نرى من واجبنا أن نحيي في هذا العالم المجتهد العلم الحديث..."
مقتطفات من خطاب الأستاذ رينيه دوسو
"يا سيدي الرئيس: أشكر لك من صميم فؤادي على كلمات الثناء التي أطلقتها عليَّ فأخجلتني بها. دعوتني لتعرِّفني إلى أناس من أرباب الشخصيات العالية من رجالات السياسة والدين والأدب والعلم في سورية، فانقلب هذا الاجتماع حفلة حقيقية من حفلات الترحيب في المجامع العلمية...
وإني لأشكر شكر الإخاء لرصفائي في المجمع العلمي العربي على الشرف العظيم الذي أولوني إياه بقبولي في مجلسهم العلمي...
أنا منذهل من كلِّ ما أنشأه المجمع العلمي في هذه الدار الجميلة في الزمن القصير؛ فإن خزانة الكتب والمتحف قد نميا نموًّا ظاهرًا يدعو إلى الغبطة، فأهنئ تلميذي الذي أفاخر به الأمير جعفر عبد القادر الحسني على العمل الذي قام به...
أراكم قد سلكتم السبيل التي ينتظركم فيها النجاح المؤكد، وإن في متابعة خيرة العلماء الذين يتألف منهم المجمع العلمي أعمالهم الجليلة لمما يشكرون عليه شكرًا جزيلًا...وإني حامد لمن تفضلوا وشرفوا هذه الحفلة بحضورهم من أرباب المظاهر الكبرى من جميع الطبقات، ولن أنسى ما حييت برهم وعطفهم..."